• ٢٣ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢١ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

معنى العمل في مضمار الإسلام

عمار كاظم

معنى العمل في مضمار الإسلام

إنّ الإسلام دينُ العمل والعطاء والرِّيادة في شؤون الحياة الدُّنيا، والمؤمنُ قائمٌ يسعى ويعمل ليدركَ خيرَ الآخرة والأُولى تحقيقاً لأمر الله تعالى القائل: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (التوبة/ 105)، وما خوطبت أُمّةٌ بضرورة الاهتمام بالعمل قدر ما خُوطِبَت أُمّةُ الإسلام، وقد ذلَّلَ اللهُ تعالى الأرض لبني آدم ليكتنزوا ثرواتها بالعمل والجد فقال تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) (الملك/ 15)، وذلَّلَ البحر إمداداً بالخيرات للطُّعمَةِ والحِليَةِ وجريان السفائن موقراتٍ مع بقية صور الانتفاع والعمل، فقال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (النحل/ 14).

والمؤمن خليفةُ الله في أرضه يُقَلِّبُ شَقاشِقَها لتضحك له بعطائها ويمْخُرُ عبابَ مائها ويشقُّ سماءها ويرتادُ فضاءها بما يحويه المشهد العام للحِراك البشري من جهودٍ جبارةٍ تحتاجُ إلى جيوشٍ تعملُ وتكدحُ ليلاً ونهاراً في محاريب العملِ الدؤوبِ بأعدادٍ لا تنتهي من طلّابِ حُسنِ الاستخلاف عن الله تعالى في أرضه. وإثرَ العبادةِ يأتي وقتُ العملِ وهو في ذاته عبادةٌ يؤجر عليها العبد مع النيّة الطيِّبة، قال الله تعالى: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ) (الجمعة/ 11)، والنهار هو المجال الزمني لجلِّ الأعمال الحياتية التي يتقاسم الناس مناشطها، قال الله تعالى: (وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا) (النبأ/ 11).

في الختام، الإنسان كموجود إلهيّ له رسالة في الحياة؛ رسالة إثبات الذات وإعمار الأرض، والله تعالى يقبل منه فقط ما يصدر من كلام طيِّب نافع، ويرفع له في كتابه العمل الخالص لوجه الله، الذي يصلح في ميزان الأعمال، ويعود بمنفعته على ذات الإنسان والجنس البشري بوجه عام. والإنسان الباحث عن تأكيد هويّته وذاته، وتأصيل وجوده على قواعد ثابتة لا تهتزّ، بالشكل الذي يرفع من شأنه وينمّي كلّ طاقاته، عليه أن ينفتح بكلّ قواه على الله تعالى، المالك لكلّ شيء، بما يمثّل من عزّة وقوّة تمدّ الإنسان بما يلزم من عناصر تثبّت له مسيرته. قال تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة/ 82).

ارسال التعليق

Top